إتحاد المحامين الليبراليين و مؤسسة فريدريش ناومان
الليبرالية و تحديات المستقبل
مواضيع الندوة / حرية تأسيس الأحزاب – معوقات الليبرالية في مصر
المتحدثين / أ. أنور عصمت السادات – د. رفعت لقوشه
المكان / فندق فلامنكو الزمالك
التاريخ / 9 إبريل 2009
المنسق العام / محمد طلعت
مقدم الندوة / أبو النصر أبو المجد
المدير العام / شادي طلعت
قام بتقديم الندوة الأستاذ / أبو النصر أبو المجد ورحب في البداية بالحضور و بكل من الأستاذ / أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح و التنمية و الدكتور / رفعت لقوشة أستاذ الإقتصاد و الكاتب الليبرالي :
و في كلمة الإستاذ / أنور عصمت السادات قال :
توجه بالشكر أولآ إلى كل من إتحاد المحامين الليبراليين و مؤسسة فريدريش ناومان و في بداية حديثه عن موضوع الندوة / قال دعونا نتحدث أولآ بعيدآ عن الورق و عن الكلام الأكاديمي و نتحدث أولآ عن الإنسان و حرياته في العقيدة و الإتجاه السياسي و حريتة في إعتقاد أي فكر يراه ، و أن الحرية ليست فقط في تأسيس الأحزاب أو عمل جمعية أهلية أو تأسيس منظمة مجتمع مدني ، و هذا هو تصورنا و هذا هو مفهوم الليبرالية ، فكلمة الليبرالية و ليس كما يظن البعضأو يعتقد أن هذا المفهوم يسئ إلى الأديان .
إن الليبرالية تعني الحرية و الحرية في النهاية محكومة بعدة قواعد مثل القيم والأخلاق و حقوق الإنسان ، إلا أن الحريات منذ ثورة 1952 و حتى الآن محدودة جدآ بإستثناء حالة أو حالتين و يمكننا القول أن فترة ما قبل الثورة كان فيها حرية تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار أما الوضع الراهن و الذي يحيل مسألة تأسيس الأحزاب إلى لجنة تابعة للحكومة و جميعنا يعرف تشكيل هذه اللجنة و التي يشكل أعضائها بالإختيار و التعيين مثلهم مثل مجلس المرأة ! و المجلس القومي لحقوق الإنسان ! و ما دامت أساليب تشكيل تلك اللجان بهذه الطريقة فنحن لا ننتظر منها خيرآ لأنها في النهاية أجهزة حكومية و الشخص الذي يقوم بالتعيين هو نفسه الذي يقوم بالإقالة ! و بالنظر إلى الوضع الراهن لحرية تأسيس الأحزاب الليبرالية نجد أنها مسألة غاية في الصعوبة و أنا دائمآ أقول بالنسبة لمفهوم الليبرالية أنه مبهم لكثير من أفراد الشعب و قد رأينا في الفترات الماضية أحد الزعماء المرشحين للبرلمان قد خسر الإنتخابات بسبب أن خصومه إتهموه بالليبرالية و الديمقراطية فلا زال هناك غموض يعتري هذا المفهوم نظرآ للأمية المتفشية و لا زلنا في مجتمع يتم فيه خداع الشعب بالألفاظ إننا على سبيل المثال في حزب الإصلاح و التنمية أعلنا أننا لا نسعى للإشتراكية القديمة أو لليبرالية المتوحشة فنحن نؤمن بالدور الرقابي للدولة و العدالة الإجتماعية و حرية الإنسان .
إن المجتمع الآن مختلف عن المجتمع منذ عقود فلم نرى أحداث العنف التي تحدث في وقتنا الحالي مثل التحرش الجنسي و الأنانية التي أصبحت موجودة الآن ، و لنكن صرحاء فبعد قيام الثورة حدث صراع في الطبقات و حدثت ظواهر جديدة على المجتمع و يجب أن نقف عند هذه الظواهر و لا بد من وضع حلول لها فالسياسة متغيرة فلم يوجد رئيس يتبع سياسة من كان قبله ، عندنا في مصر مثلآ ، و إذا ما سألنا أنفسنا سؤالآ ماذا لو حدثت حرب الآن هل سيتدافع الشباب لخوض الحروب أم سيقولون و لماذا نقاتل هل نقاتل لأجل أمثال / أحمد عز أو هشام طلعت مصطفى هل نقاتل نحن و نموت و غيرنا يجمع في يجمع في ثرواته ! في النهاية أود القول إلى أننا نستحق ما نحن فيه فالسلبية أصبحت منهجآ جميعنا يتخذه و ليس فينا من لديه إستعداد للخسارة و لذلك أقول أن شخصآ مثل الدكتور / أيمن نور قد دفع الكثير و دخل السجن لمدة 4 سنوات و لا زال يقدم التضحيات .
في النهاية أقول أن مايهمنا هو الإنسان و مفهوم الليبرالية و غيرها من المفاهيم المختلفة معها نظريات و علينا أن نأخذ ما يتناسب منها منهجآ لنا على أن يكون متفقآ معنا .
ثم تحدث الدكتور رفعت لقوشة عن معوقات الليبرالية في مصر و قال :
من المؤكد أن هناك معوقات و من المؤكد أن الطريق ليس سهلآ و أول معوق لليبرالية هم طبقة الفقراء التي لا تنسجم مؤهلاتها الفكرية مع الليبرالية أيآ ما كان مواقع الجناح الذي تستقر فيه حكمآ أو معارضة و أيآ ما كان مسمى المعارضة إليها و من البداية تبدو و كأنها صفوة مغلقة و الليبرالية لا تطلب صفوة مغلقة و إنما تطلب نخبة مفتوحة و هناك فرق بين النخبة و الصفوة فالصفوة تتداول الإمتيازات و هي تؤمن بالإقصاء و النخبة شئ آخر فهي التي تقدر على تبيان الأفكار و هي لا تؤمن بالإقصاء فلا إقصاء لأحد طالما إحترم قواعد اللعبة الأمر الآخر على ضفتي الحكم و المعارضة حينما نستبعد الناس من خطاب الحديث أو نستبعدهم من أو من مركز الفعل ثم نتحدث عن الليبرالية فلن يكون لها وجود فلن تكون هناك ليبرالية إلا بالإيمان بالناس ، و الصفوة لا تؤمن بالناس و بالتالي تضع العوائق أمام الليبرالية و عندما لا تؤمن بالناس فالخطاب يكون موجهآ لغرائز الناس !
و في نفس الوقت نجد أن النخبة لديها ولع بتفسير التاريخ على ضفتي الحكم و المعارضة و القضية في التاريخ المصري أنه تاريخ فرعوني و أن هذه العلاقة أبدية بمعنى أن الإله هو الحاكم و الشعب هم العبيد ، و عندما يصبح هذا هو الحكم على التاريخ المصري فلن يكون هناك محل لليبرالية ! مع أن الحقيقة أن التاريخ عكس مايروج عنه من هؤلاء السادة المؤرخين ففي العصر الفرعوني حدثت المظاهرات ، كما أن بناء الأهرامات كان عقدآ إجتماعيآ ليدخل الفرعون الجنة و من ثم يدخل من يموتون بعده إلى الجنة .
من المؤكد أن المشهد السياسي في مصر يطرح معوقات ليبرالية خاصة و أن الأحزاب في مصر و القوى السياسية تبدو عاجزة أو غير راغبة في أي مراجعات فكرية و بدون قوى سياسية قادرة على أن تقوم بمراجعات فكرية فإننا بالفعل نتحدث عن وجود معوق أمام الليبرالية .
إن تحول الليبرالية إلى أيدولوجية يعني موت الليبرالية ففرصة الليبرالية كأيدولوجية أن تواجه الأيدولوجيات الأخرى ، و هذا المعوق صنعه الليبراليين بأنفسهم و في نفس الوقت حينما نرصد المشهد السياسي في مصر نجد أنه مسطح بدون تضاريس لأننا عندما نعود إلى الليبرالية فإننا نجدها لا تعطي القيمة لكل ما يتم تداوله في السوق و إنما تعطي الأهمية لما لا يتم تداوله في السوق و في الإزدهار الليبرالي تزدهر أفكار و إبداعات جديدة و قضايا علمية و فكرية ، لا يتم تداولها في السوق ، أما التسطيح الثقافي فيتم فيه تداول كل شئ داخل السوق و لا يتم تداول أي شئ خارج السوق .
و تكمن المشكلة أيضآ في الثقافة الشعبية لأنها معادية لليبرالية فالليبرالي وفقآ للثقافة الشعبية هو شخص يزدرء الأديان و في نفس الوقت يفتقر إلى الحس الإجتماعي ، و يجب أن لا نلقي بالتهمة على الناس فلم يستقر بوجدانهم هذا لأنهم أغبياء أو جهلة ! و من البدايات أيضآ قضية أن الليبرالي منحل أخلاقيآ و سبب ذلك أن هناك كتابات تصدى لها البعض و إنتهت كتاباتهم إلى أن يقروا إلى أن من هو ليبرالي غير ملتزم أخلاقيآ ! و كانت هذه الكتابات لأنهم عجزوا عن قرائة كتابات هولز و كان يقول "الحرية هي أن كل الكائنات العاقلة و غير العاقلة و الساكنة تسلك بدون معوقات" فقام البعض بتفسر كلامه على هذا النحو : أنها تسلك بدون روادع ! و واقع الأمر أن هولز كان يقصد أنها تسلك و فقآ لقانون الحركة و بالتالي فكرة بدون عوائق مقصود بها عوائق قانون الحركة ، و بالتالي قانون الحركة الليبرالي للفرد أنه قادر و راغب على تنمية نفسه و من ثم لا تعود حريته إنحلال و لكن تطور و من هنا يصبح شخصآ مسؤلا .
و ما أقوله لكم لم يقوله بعض اللذين كتبوا عن الليبرالية و لم يذهبوا ليقولوه للناس و تركوا الناس تحت أثر إنطباعات لم يخلقوها بل تلقوها من الآخرين .
و الليبرالية و إزدراء الأديان جاءت من رد الليبراليين عندما يتم سؤالهم عن الدين فيقولون أنهم ليس لهم علاقة بالدين و هم لا يقصدون بذلك أنهم ضد الأديان الأديان و لكنهم يتهربون من سؤال لم يجدوا له إجابة !
و حينما تقول مثل هذا الرد لشعب المكون الديني جزء من ثقافته في المسجد و الكنيسة فماذا ننتظر لمستقبل الليبرالية ، نحن نقيم بأنفسنا هذه العوائق .
و أنا أفهم أن الليبرالي هو الذي يفهم الرؤية المستنيرة للدين و هو الذي يحاول أن يصالح بين الديني و المدني ، و هو يحاول أن يعيد إكتشاف ما هو إنساني في الدين أيآ كان الدين ، إن الليبرالي منحاز إلى قيمه الإنسانية وإذا لم تحل هذه المشكلة فهناك عائق كبير أمام الطريق الليبرالي .
نذهب إلى مابعد ذلك هناك بعض المذاهب تذهب في إتجاهين فمعظم العوائق التي تقع على الليبراليين أن يحددوا موقفهم من الفقر و من التهميش الإجتماعي ، و لايمكن أن يكونوا محايدين أمام الفقر أو أمام التهميش الإجتماعي لأنهم إذا كانوا محايدين لا يعودوا ليبراليين و أصل الليبرلية رفض الإقصاء و رفض التهميش و الفقر نوع من التهميش .
الأمر الآخر عندما يتحدث بعضهم عن تحديد دور الدولة نصبح أمام سؤال ؟ و دعونا نتصور أن هناك حزب سياسي ليبرالي يطرح نفسه لدخول الإنتخابات و الفوز بأغلبية مطلقة و إذا كان هذا الحزب يقول أن الدولة يجب تهميشها ، فإذا ما كان الهدف تهميش الدولة أو إلغائها فماذا سيحكم هذا الحزب ؟ و عندما نعود إلى الجذور سنكتشف أن الليبرالية لم تنفي الدولة و إنما تشكيل الدولة بدأ في العصر الليبرالي و إذا ما إحتكمنا إلى آدم سميث ففي كتاباته عن الدولة "أن تتدخل لإجبار أولاد الفقراء الدخول إلى المدارس حتى و إن رفض أولياء الأمور" ، إذآ منح الدولة حق في إدارة المجتمع المدني و هو من قال "إذا حدث فساد إقتصادي على الدولة أن تتدخل في إدارة المال العام" و بالتالي أعطى للدولة حق التدخل في إدارة السوق ، لم يحدث أن حاولت الليبرالية قط تهميش الدولة أو إلغائها و لكن كان هناك دعوة حقيقية لإعادة النظر في مفهوم الدولة بإعتبارها دولة القانون و بإعتبارها الدولة القادرة على مشروع نحو المستقبل .
هذه المعطيات جميعآ بعضها من صنع الليبراليين و البعض الآخر من معطيات مجتمعنا و لكن لتجاوز هذه المعوقات و في تقديري أنه يمكن تجاوزها ، فلا بد لنا من الإيمان بالناس و إحترامهم و ليس إحترامهم إدعاءآ و لكن إحترامهم لأنهم يستحقون ذلك .
بعد أن ألقى كل من المتحدثين كلمته تم فتح حوار مع الحضور و في النهاية وجه شادي طلعت رئيس الإتحاد التحية إلى الحاضرين و توجه بالشكر إلى المنصة و منوهآ عن موعد الندوة القادم إن شاء الله .
الليبرالية و تحديات المستقبل
مواضيع الندوة / حرية تأسيس الأحزاب – معوقات الليبرالية في مصر
المتحدثين / أ. أنور عصمت السادات – د. رفعت لقوشه
المكان / فندق فلامنكو الزمالك
التاريخ / 9 إبريل 2009
المنسق العام / محمد طلعت
مقدم الندوة / أبو النصر أبو المجد
المدير العام / شادي طلعت
قام بتقديم الندوة الأستاذ / أبو النصر أبو المجد ورحب في البداية بالحضور و بكل من الأستاذ / أنور عصمت السادات وكيل مؤسسي حزب الإصلاح و التنمية و الدكتور / رفعت لقوشة أستاذ الإقتصاد و الكاتب الليبرالي :
و في كلمة الإستاذ / أنور عصمت السادات قال :
توجه بالشكر أولآ إلى كل من إتحاد المحامين الليبراليين و مؤسسة فريدريش ناومان و في بداية حديثه عن موضوع الندوة / قال دعونا نتحدث أولآ بعيدآ عن الورق و عن الكلام الأكاديمي و نتحدث أولآ عن الإنسان و حرياته في العقيدة و الإتجاه السياسي و حريتة في إعتقاد أي فكر يراه ، و أن الحرية ليست فقط في تأسيس الأحزاب أو عمل جمعية أهلية أو تأسيس منظمة مجتمع مدني ، و هذا هو تصورنا و هذا هو مفهوم الليبرالية ، فكلمة الليبرالية و ليس كما يظن البعضأو يعتقد أن هذا المفهوم يسئ إلى الأديان .
إن الليبرالية تعني الحرية و الحرية في النهاية محكومة بعدة قواعد مثل القيم والأخلاق و حقوق الإنسان ، إلا أن الحريات منذ ثورة 1952 و حتى الآن محدودة جدآ بإستثناء حالة أو حالتين و يمكننا القول أن فترة ما قبل الثورة كان فيها حرية تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار أما الوضع الراهن و الذي يحيل مسألة تأسيس الأحزاب إلى لجنة تابعة للحكومة و جميعنا يعرف تشكيل هذه اللجنة و التي يشكل أعضائها بالإختيار و التعيين مثلهم مثل مجلس المرأة ! و المجلس القومي لحقوق الإنسان ! و ما دامت أساليب تشكيل تلك اللجان بهذه الطريقة فنحن لا ننتظر منها خيرآ لأنها في النهاية أجهزة حكومية و الشخص الذي يقوم بالتعيين هو نفسه الذي يقوم بالإقالة ! و بالنظر إلى الوضع الراهن لحرية تأسيس الأحزاب الليبرالية نجد أنها مسألة غاية في الصعوبة و أنا دائمآ أقول بالنسبة لمفهوم الليبرالية أنه مبهم لكثير من أفراد الشعب و قد رأينا في الفترات الماضية أحد الزعماء المرشحين للبرلمان قد خسر الإنتخابات بسبب أن خصومه إتهموه بالليبرالية و الديمقراطية فلا زال هناك غموض يعتري هذا المفهوم نظرآ للأمية المتفشية و لا زلنا في مجتمع يتم فيه خداع الشعب بالألفاظ إننا على سبيل المثال في حزب الإصلاح و التنمية أعلنا أننا لا نسعى للإشتراكية القديمة أو لليبرالية المتوحشة فنحن نؤمن بالدور الرقابي للدولة و العدالة الإجتماعية و حرية الإنسان .
إن المجتمع الآن مختلف عن المجتمع منذ عقود فلم نرى أحداث العنف التي تحدث في وقتنا الحالي مثل التحرش الجنسي و الأنانية التي أصبحت موجودة الآن ، و لنكن صرحاء فبعد قيام الثورة حدث صراع في الطبقات و حدثت ظواهر جديدة على المجتمع و يجب أن نقف عند هذه الظواهر و لا بد من وضع حلول لها فالسياسة متغيرة فلم يوجد رئيس يتبع سياسة من كان قبله ، عندنا في مصر مثلآ ، و إذا ما سألنا أنفسنا سؤالآ ماذا لو حدثت حرب الآن هل سيتدافع الشباب لخوض الحروب أم سيقولون و لماذا نقاتل هل نقاتل لأجل أمثال / أحمد عز أو هشام طلعت مصطفى هل نقاتل نحن و نموت و غيرنا يجمع في يجمع في ثرواته ! في النهاية أود القول إلى أننا نستحق ما نحن فيه فالسلبية أصبحت منهجآ جميعنا يتخذه و ليس فينا من لديه إستعداد للخسارة و لذلك أقول أن شخصآ مثل الدكتور / أيمن نور قد دفع الكثير و دخل السجن لمدة 4 سنوات و لا زال يقدم التضحيات .
في النهاية أقول أن مايهمنا هو الإنسان و مفهوم الليبرالية و غيرها من المفاهيم المختلفة معها نظريات و علينا أن نأخذ ما يتناسب منها منهجآ لنا على أن يكون متفقآ معنا .
ثم تحدث الدكتور رفعت لقوشة عن معوقات الليبرالية في مصر و قال :
من المؤكد أن هناك معوقات و من المؤكد أن الطريق ليس سهلآ و أول معوق لليبرالية هم طبقة الفقراء التي لا تنسجم مؤهلاتها الفكرية مع الليبرالية أيآ ما كان مواقع الجناح الذي تستقر فيه حكمآ أو معارضة و أيآ ما كان مسمى المعارضة إليها و من البداية تبدو و كأنها صفوة مغلقة و الليبرالية لا تطلب صفوة مغلقة و إنما تطلب نخبة مفتوحة و هناك فرق بين النخبة و الصفوة فالصفوة تتداول الإمتيازات و هي تؤمن بالإقصاء و النخبة شئ آخر فهي التي تقدر على تبيان الأفكار و هي لا تؤمن بالإقصاء فلا إقصاء لأحد طالما إحترم قواعد اللعبة الأمر الآخر على ضفتي الحكم و المعارضة حينما نستبعد الناس من خطاب الحديث أو نستبعدهم من أو من مركز الفعل ثم نتحدث عن الليبرالية فلن يكون لها وجود فلن تكون هناك ليبرالية إلا بالإيمان بالناس ، و الصفوة لا تؤمن بالناس و بالتالي تضع العوائق أمام الليبرالية و عندما لا تؤمن بالناس فالخطاب يكون موجهآ لغرائز الناس !
و في نفس الوقت نجد أن النخبة لديها ولع بتفسير التاريخ على ضفتي الحكم و المعارضة و القضية في التاريخ المصري أنه تاريخ فرعوني و أن هذه العلاقة أبدية بمعنى أن الإله هو الحاكم و الشعب هم العبيد ، و عندما يصبح هذا هو الحكم على التاريخ المصري فلن يكون هناك محل لليبرالية ! مع أن الحقيقة أن التاريخ عكس مايروج عنه من هؤلاء السادة المؤرخين ففي العصر الفرعوني حدثت المظاهرات ، كما أن بناء الأهرامات كان عقدآ إجتماعيآ ليدخل الفرعون الجنة و من ثم يدخل من يموتون بعده إلى الجنة .
من المؤكد أن المشهد السياسي في مصر يطرح معوقات ليبرالية خاصة و أن الأحزاب في مصر و القوى السياسية تبدو عاجزة أو غير راغبة في أي مراجعات فكرية و بدون قوى سياسية قادرة على أن تقوم بمراجعات فكرية فإننا بالفعل نتحدث عن وجود معوق أمام الليبرالية .
إن تحول الليبرالية إلى أيدولوجية يعني موت الليبرالية ففرصة الليبرالية كأيدولوجية أن تواجه الأيدولوجيات الأخرى ، و هذا المعوق صنعه الليبراليين بأنفسهم و في نفس الوقت حينما نرصد المشهد السياسي في مصر نجد أنه مسطح بدون تضاريس لأننا عندما نعود إلى الليبرالية فإننا نجدها لا تعطي القيمة لكل ما يتم تداوله في السوق و إنما تعطي الأهمية لما لا يتم تداوله في السوق و في الإزدهار الليبرالي تزدهر أفكار و إبداعات جديدة و قضايا علمية و فكرية ، لا يتم تداولها في السوق ، أما التسطيح الثقافي فيتم فيه تداول كل شئ داخل السوق و لا يتم تداول أي شئ خارج السوق .
و تكمن المشكلة أيضآ في الثقافة الشعبية لأنها معادية لليبرالية فالليبرالي وفقآ للثقافة الشعبية هو شخص يزدرء الأديان و في نفس الوقت يفتقر إلى الحس الإجتماعي ، و يجب أن لا نلقي بالتهمة على الناس فلم يستقر بوجدانهم هذا لأنهم أغبياء أو جهلة ! و من البدايات أيضآ قضية أن الليبرالي منحل أخلاقيآ و سبب ذلك أن هناك كتابات تصدى لها البعض و إنتهت كتاباتهم إلى أن يقروا إلى أن من هو ليبرالي غير ملتزم أخلاقيآ ! و كانت هذه الكتابات لأنهم عجزوا عن قرائة كتابات هولز و كان يقول "الحرية هي أن كل الكائنات العاقلة و غير العاقلة و الساكنة تسلك بدون معوقات" فقام البعض بتفسر كلامه على هذا النحو : أنها تسلك بدون روادع ! و واقع الأمر أن هولز كان يقصد أنها تسلك و فقآ لقانون الحركة و بالتالي فكرة بدون عوائق مقصود بها عوائق قانون الحركة ، و بالتالي قانون الحركة الليبرالي للفرد أنه قادر و راغب على تنمية نفسه و من ثم لا تعود حريته إنحلال و لكن تطور و من هنا يصبح شخصآ مسؤلا .
و ما أقوله لكم لم يقوله بعض اللذين كتبوا عن الليبرالية و لم يذهبوا ليقولوه للناس و تركوا الناس تحت أثر إنطباعات لم يخلقوها بل تلقوها من الآخرين .
و الليبرالية و إزدراء الأديان جاءت من رد الليبراليين عندما يتم سؤالهم عن الدين فيقولون أنهم ليس لهم علاقة بالدين و هم لا يقصدون بذلك أنهم ضد الأديان الأديان و لكنهم يتهربون من سؤال لم يجدوا له إجابة !
و حينما تقول مثل هذا الرد لشعب المكون الديني جزء من ثقافته في المسجد و الكنيسة فماذا ننتظر لمستقبل الليبرالية ، نحن نقيم بأنفسنا هذه العوائق .
و أنا أفهم أن الليبرالي هو الذي يفهم الرؤية المستنيرة للدين و هو الذي يحاول أن يصالح بين الديني و المدني ، و هو يحاول أن يعيد إكتشاف ما هو إنساني في الدين أيآ كان الدين ، إن الليبرالي منحاز إلى قيمه الإنسانية وإذا لم تحل هذه المشكلة فهناك عائق كبير أمام الطريق الليبرالي .
نذهب إلى مابعد ذلك هناك بعض المذاهب تذهب في إتجاهين فمعظم العوائق التي تقع على الليبراليين أن يحددوا موقفهم من الفقر و من التهميش الإجتماعي ، و لايمكن أن يكونوا محايدين أمام الفقر أو أمام التهميش الإجتماعي لأنهم إذا كانوا محايدين لا يعودوا ليبراليين و أصل الليبرلية رفض الإقصاء و رفض التهميش و الفقر نوع من التهميش .
الأمر الآخر عندما يتحدث بعضهم عن تحديد دور الدولة نصبح أمام سؤال ؟ و دعونا نتصور أن هناك حزب سياسي ليبرالي يطرح نفسه لدخول الإنتخابات و الفوز بأغلبية مطلقة و إذا كان هذا الحزب يقول أن الدولة يجب تهميشها ، فإذا ما كان الهدف تهميش الدولة أو إلغائها فماذا سيحكم هذا الحزب ؟ و عندما نعود إلى الجذور سنكتشف أن الليبرالية لم تنفي الدولة و إنما تشكيل الدولة بدأ في العصر الليبرالي و إذا ما إحتكمنا إلى آدم سميث ففي كتاباته عن الدولة "أن تتدخل لإجبار أولاد الفقراء الدخول إلى المدارس حتى و إن رفض أولياء الأمور" ، إذآ منح الدولة حق في إدارة المجتمع المدني و هو من قال "إذا حدث فساد إقتصادي على الدولة أن تتدخل في إدارة المال العام" و بالتالي أعطى للدولة حق التدخل في إدارة السوق ، لم يحدث أن حاولت الليبرالية قط تهميش الدولة أو إلغائها و لكن كان هناك دعوة حقيقية لإعادة النظر في مفهوم الدولة بإعتبارها دولة القانون و بإعتبارها الدولة القادرة على مشروع نحو المستقبل .
هذه المعطيات جميعآ بعضها من صنع الليبراليين و البعض الآخر من معطيات مجتمعنا و لكن لتجاوز هذه المعوقات و في تقديري أنه يمكن تجاوزها ، فلا بد لنا من الإيمان بالناس و إحترامهم و ليس إحترامهم إدعاءآ و لكن إحترامهم لأنهم يستحقون ذلك .
بعد أن ألقى كل من المتحدثين كلمته تم فتح حوار مع الحضور و في النهاية وجه شادي طلعت رئيس الإتحاد التحية إلى الحاضرين و توجه بالشكر إلى المنصة و منوهآ عن موعد الندوة القادم إن شاء الله .